الغيرة ... والتنافس
إعداد : أ . نشأت نزهة
كثيرا ما يختلط مفهوم الغيرة والتنافس عند الناس ، فهذه المشكلة الانفعالية منتشرة لدى بعض الأطفال والبالغين ومن الجنسين معا .
الغيرة من وجهة نظر علماء النفس هي مزيج من الانفعالات المختلفة مثلها مثل الغضب والخوف والحقد والشعور بالنقص وحب التملك .. وبرأي فرويد أن أهم مكونات الغيرة هي خوف الفرد من فقدان شيْ محبب الى قلبه ، وشعوره بالنقص في ناحية أو أكثر . وللغيرة أسباب كثيرة ، فقد يغار أحدهم من آخر لتفوقه العلمي أو نجاحه وتقدمه في تحقيق أهداف معينة ، وقد تغار الإناث من الذكور بسبب معاملة الآخرين على نحو أفضل أو عند تمييز الأهل أو المعلم لطفل عن غيره ، واذا تساءلنا هل الغيرة وراثة أم اكتساب نجد أن الطفل لا يولد غيوراً بالفطرة ولكنه يكتسب ذلك أثناء مراحل نموه العقلي والانفعالي والاجتماعي وتكمن خطورة الغيرة في أنها يمكن إذا تأصلت لدى فرد ما ولم تُزَل أسباب غيرته أن ترافقه مدى حياته ، وتشتد الغيرة بين الأنداد والمتقاربين عمراَ وثقافة ووضعاَ اجتماعياً . نستنتج من ذلك أن الغيرة انفعال سلبي يفضي الى أنماط سلوكية خاطئة وأحياناً الى مظاهر انفعالية عدوانية على الآخرين .
أما التنافس فهو شعور إيجابي شريف وانفعالات ذات منحى إيجابي وهو تحدّ للقدرات واستثارة للكوامن النفسية والعقلية إذ توضع الذات أمام مثيرات عميقة وحادة تفجر طاقات العقل والوجدان ، وهذا ما يؤدي إلى النجاح والتفوق والإبداع ، فالتنافس ظاهرة مفيدة يفضل تشجيعها بين الرفاق والأخوة ويمكن الاستفادة منها في المدرسة والبيت بالتشجيع الهادئ وخلق العلاقات الحميمة وتوفير الجو الدافئ لنموها .
وبالعودة الى الغيرة نجد أن للمدرسة دور هام في القضاء على ظاهرة الغيرة وذلك بأن يعامل التلاميذ على نحو عادل وكل وفق قدراته وإمكانياته وأن يُشجَّع جميع التلاميذ على أعمال أحسنوا صنعها مهما كانت بسيطة ، وعدم المبالغة في كيل المديح للمتفوقين وتوجيه المقصرين ورعايتهم بمحبة وثقة ، كما أن الأهل في البيت لهم دور هام أيضاً في معالجة الغيرة من خلال عدم السخرية بالطفل وبآرائه أمام الآخرين وعدم إظهار عيوبه وأخطائه وعدم مقارنته بطفل آخر موهوب أو مبدع بل المقارنة بين الطفل ونفسه في فترات متعاقبة ، وكذلك عدم التمييز بين الأطفال من قبل أهلهم .
ومن واجب الأهل تلبية حاجات الطفل والعمل على إدماجه في فرق رياضية أو نشاط فني أو اجتماعي أو علمي ليبتعد عن التمركز حول ذاته وأن يُدَّرب على مواجهة الآخرين والتفاعل معهم ومواجهة المشكلات ، ليبتعد تدريجياً عن كل ما هو مسبب للغيرة وتنمو عنده روح التنافس الشريف .